"إني لأرى تباشير النصر بإذن الله في وجوهكم المضيئة وقلوبكم الطاهرة"
رجل المرحلة .. و أحد كبار مفكري و مجاهدي الإخوان المسلمين
هو مفكر الحركة الإسلامية في فلسطين و أحد الرجال الذين لا يشق لهم غبار ، يتميز بنظراته الثاقبة و عزيمته التي لا تلين ، و صموده الأسطوري ، و عطائه اللامحدود ، إنه الدكتور إبراهيم أحمد المقادمة الذي لم يفكر يوما في نفسه .. كان كل همه الدعوة و تحرير فلسطين وطنه الأرض و المقدسات من المدنسين الصهاينة .
هاجرت عائلته من بلدة يبنا مع آلاف الفلسطينيين عام 48 بسبب العصابات الصهيونية الإرهابية التي ذبحت الفلسطينيين الآمنين وسط صمت ما يسمى المجتمع الدولي حيث ولد الدكتور إبراهيم احمد المقادمة "ابو احمد" عام 1950 في "بيت دراس " ثم انتقل للعيش في مخيم البريج وسط قطاع غزة ، وهو متزوج وأب لسبعة من الأبناء ، وانتقل للعيش خلال انتفاضة الأقصى في مدينة غزة بسبب تقطيع قوات الاحتلال أوصال قطاع غزة.
عاش المقادمة في مخيم جباليا وتعلم في مدارس وكالة الغوث الدولية فيها وكان من الطلاب النابغين وحصل على الثانوية العامة والتحق بكلية طب الأسنان في احدى الجامعات المصرية وتخرج منها طبيبا للأسنان.
انضم المقادمة إلى حركة الإخوان المسلمين في سنوات شبابه الأولى و بعد أن أنهى دراسته الجامعية وعودته إلى قطاع غزة أصبح أحد قادة الحركة وكان من المقربين للشيخ أحمد ياسين زعيم و مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس .
شكل المقادمة النواة الأولى للجهاز العسكري الخاص بالإخوان المسلمين في قطاع غزة " مجد " هو وعدد من قادة الإخوان وعمل على إمداد المقاتلين بالأسلحة، وفي عام 1984 اعتقل للمرة الأولى بتهمة الحصول على أسلحة وإنشاء جهاز عسكري للإخوان المسلمين في قطاع غزة وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات قضاها في باستيلات الاحتلال .
عمل الدكتور إبراهيم المقادمة طبيباً للأسنان في مستشفى الشفاء بغزة ثم حصل على دورات في التصوير الإشعاعي وأصبح أخصائي أشعة، وبعد اعتقاله في سجون السلطة الفلسطينية فصل من عمله في وزارة الصحة الفلسطينية وعمل طبيبا للأسنان في الجامعة الإسلامية بغزة.
تعرض في سجون الحكم الذاتي الفلسطيني للتعذيب الشديد من الشبح و الضرب و صنوف العذاب و انخفض وزنه إلى النصف بسبب جرائم محققي السلطة و زبانيتها عام 96 .
كان المقادمة من أشد المعارضين لاتفاق اوسلو وكان يرى أن أي اتفاق سلام مع العدو الصهيوني سيؤدي في النهاية إلى قتل كل الفلسطينيين وإنهاء قضيتهم وان المقاومة هي السبيل الوحيد للاستقلال والحصول على الدولة الفلسطينية وان كان ذلك سيؤدي إلى استشهاد نصف الشعب الفلسطيني.
الدكتور المقادمة صاحب عقلية مفكرة ونظرة استراتيجية ، اعتقل في سجون السلطة الفلسطينية عام 1996 بتهمة تأسيس الجهاز العسكر ي السري لحركة حماس في غزة وتعرض لعملية تعذيب شديدة جدا ومكث في سجون السلطة لمدة ثلاث سنوات خرج بعدها ، وعاودت أجهزة الأمن اعتقاله لأكثر من مرة .
نشط الدكتور المقادمة في الفترة الأخيرة من حياته في المجال الدعوي والفكري لحركة حماس وكان يقوم بإلقاء الدروس الدينية والسياسية والحركية وخاصة بين شباب حركة حماس وخاصة الجامعيين وكان له حضور كبير.
ألف الدكتور المقادمة عدة كتب ودراسات في الأمن وهو داخل السجن وخارجه , منها: معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين، و كانت له دراسة صدرت قبل عدة أشهر حول الوضع السكاني في فلسطين وهي بعنوان " الصراع السكاني في فلسطين " كما كانت له عدة دراسات في المجال الأمني.
كان المقادمة من أكثر الشخصيات القيادية في حركة حماس أخذا بالاحتياطيات الأمنية قليل الظهور أمام وسائل الإعلام، واستخدام أساليب مختلفة في التنكر والتمويه عبر تغيير الملابس والسيارات التي كان يستقلها وكذلك تغيير الطرق التي يسلكها، حتى عرف عنه أنه كان يقوم باستبدال السيارة في الرحلة الواحدة أكثر من مرة .
اغتالت قوات الاحتلال الصهيوني المقادمة مع ثلاثة من مرافقيه صبيحة يوم السبت 8/3/2003 وذلك عندما قامت طائرات الأباتشي بقصف السيارة التي كان يستقلها ومرافقوه بالصواريخ مما أدى لاستشهادهم جميعاً بالإضافة إلى طفلة صغيرة كانت مارة في الطريق.
و فيما يلي مقتطفات ما كتبه في نهاية كتابه معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين :
فهذه معالم أضعها بين أيدي الشباب المسلم في فلسطين وخارج فلسطين وتوجهت بها إلى الشباب المسلم بالذات لأن عليه يرتكز الأمل في تفهم أبعاد هذه القضية والانطلاق بها في الطريق الصحيح.
هذه المعالم يجب ألا تغيب عن ذهن المسلمين في طريقهم إلى تحرير فلسطين ولا يلهيهم عنها تقلبات الواقع وغدر الأنظمة وتكالب الأعداء .
إن واقعنا تعيس إذا ما قيس بقوة أعدائنا وما يدبرونه لنا من مؤامرات، المسلمون جدارة مسفوحة ... وعدوهم متكاتف غشام غير أن لي في الله أملاً أن يتولى دينه وينصر جنده ويخذل الباطل و أهله .. وبشارات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعل هذا الأمل يقيناً راسخاً أراه رأي العين.
ولي أمل في شباب الحركة الإسلامية أن يقوموا وينفضوا عن أنفسهم غبار النوم والكسل ويواصلوا العمل ليل نهار جهاداً في سبيل الله وتضحية بكل ما يملكون من جهد ونفس ، ومال ووقت ويخلصوا توجيه هذا الجهد لله سبحانه ويوطدوا العزم على السير على طريق الإسلام متحدين على طريق الإسلام لتحرير فلسطين وكل الأرض من رجس الطاغوت.
وأسأل الله سبحانه أن يبارك جهودهم وينميها.. انه نعم المولى ونعمي النصير.
ولا أتصور أن تكون هذه المعالم خالية من الخطأ أو العيب فربما هناك بعض التقصير الذي فرضته الظروف من قلة المراجع أو عدم القدرة في الخوض في التفاصيل لدواعي أخرى.
وحسبي أنني حاولت مخلصاً أن أبذل ما أستطيع لتوصيل هذه المعالم إلى شباب الحركة الإسلامية.. فما فيها من صواب فمن الله وبتوفيقه وما فيها من خطأ فمن نفسي واستغفر الله منه.. و أرجو من كل من استفاد شيئاً أن يدعو لي بظهر الغيب دعوة تنفعني عند الله.. وكل من وجد خطأ أن يستغفر الله لي. ولاشك أن هناك معالم أخرى لابد من الحديث فيها بإذن الله ولابد أن هناك قضايا ستبرز أثناء العمل سيوفق الله سبحانه إلى دراستها وتقديم الحلول المناسبة لها بإذنه..
"والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وان الله لمع المحسنين".
"يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم".
فإلى العمل يا شباب الإسلام فإن الأمر جد لا هزل و إني لأرى تباشير النصر بإذن الله في وجوهكم المضيئة وقلوبكم الطاهرة "إن ينصركم الله فلا غالب لكم".
الخنساء ...[/center]